غداً ينسى
/ مذاق يدي وينساني / وينسى ما استعار من الربيع لصوته المجهولِ/ كي يتفاءل الليلُ بآذاني / غداً يشتاق للهجرة / فتحملهُ المطاراتُ / إلى صبح جديد في قصائد طفلة أخرى / فلستُ أنا حقيبته / ولا وطناً يشدُّ رموشه الشقراء / جذراً في صداع الأرض / لست أنا حبيبته / ولا أحلامه الأخرى / ولم يلق بي الغيمُ / سوى مطرٍ أضاء له / فمر على وتيرته / وحين مضى تبسم شاكراً لطفي / وقال: أحبك مطرا / فغنِ لي كما اعتدتِ / وغنيتُ / فراق له ملاكٌ حطّ في صوتي / وقال أحبك صوتاً / ولكني... / سكتُ فضاعت الشفةُ/ غداً يا ليلة الوصل / أضيئ لك بعشر شموع / وجهاً واحداً وجهين أو عشرة / تنتظرُ الذي هجرَ / فلا يأتي سوى فكرة / تذوب على أواني الآس والفلِّ/ غداً يا ...ليلة الوصلِ / *** غداً أبكي وابتسمُ / أعيش رهينة الهمِ / فلا يدري أبي ما بي / ولا أمي / وتسألني نساء الحيِّ / ماذا يحزن الحسناء إن نظرت / إلى قمر تعلق في السماء كأنه القمرُ / فأبتسمُ / ولا يدرون أن بجانب القمرِ / هناك تركت ميادة / تنير لذلك القمرِ / دروباً هدّها التعبُ / ولم يبقي لها خطواً يواسيها / سوى ضجري / يجيء بها وينسحبُ / وأبعده فيقتربُ / غداً ينسى / بأن له معي وطناً/ فيتركني ويغتربُ / ويرحل ذلك الركبُ / قطاراً شدّه التعبُ / وقد بانت على طاقاته أيدٍ/ تلوح بها مناديلُ/ وفي مقصورةٍ أخرى/ رأيت يداً/ وقوراً لم تبح أبداً / بمنديلٍ / ولا لاحت بسر وداع صاحبها / فقد شُغلت يداه عن المناديلِ / وقلّبتا كتاباً أصفر الأوراق / لم ينظر من الطاقات لم يرني / ولم يزرع حقول عيونه الخضراء في عيني / فضاعت أخر النظراتِ / واحترقت على الكتبِ / وغاب قطاره المستعجل الخطواتِ / حلق مثل طائرة وأبحر مثل باخرةٍ / ولكن الذي ابتلعته هذي الدرب لم يغبِ / أخبئ منه في القلبِ / كلاماً لم يقله سوى/ ليبقي منه لي ذكرى / تعاودني إذا هجرَ/ *** وحين تكون قد سقطتْ / دموع الليلِ / يرحل آخر المتعناقنين ولا/ سواي أنا / أضم يداً إلى الأخرى / وأنتظرُ / حبيباً شدّه السفرُ / *** وقد يرجع يوماً لي / من السفر الذي أضناه / عجوزاً يتكي بعصاه / فيجلس جانبي ويقولُ: / يا أختاهُ / في هذي المحطة قبل أعوامٍ/ نسيت حبيبة جلست بمقعدك / وكان الوقت زحف غروب / فلا ودعت عينيها / ولا لحت بمنديلٍ / نسيت حبيبتي/ ونسيت كفيها / لعلي أهتدي يوماً إلى غصنٍ / جلست بفيئه معها / فأبتسم / وكنت أريد أن أهديه للغصن / ولكن القطار أتى / ليأخذني