الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم. أما بعد
دعيني أهمسُ في أذنيك يا فتاة الإسلام ، وأسألك بالله العظيم ، جبّار السموات والأرض، العزيز الحكيم، الذي خلقك من عدم ، أطعمك من جوع ، وأسبغ عليك نعمة ظاهرة وباطنة، هل أنت باقية على قيدِ الحياة بلا نهاية ؟
وأسألكِ بالله هل أنت قادمة على قبر مُظلم، ووحدةٍ موحشة في عالم البرزخ، وعالم الأموات، أم ستظلين أبداً هانئةً بحياةِ الشباب والنضارةِ والمُُتعة الخادعة ؟
أيتُها الفتاة الطيبة، أيُّ فرحة تملأ قلبك، وأي سعادة ستغمرُ فؤادك حين تبعث إليك زميلتك بهديةٍ مُغلفة، لا تزيد تكلفتها عن100دينار؟
أجيبي من فضلك؟ أيُّ حبٍّ ستبادلينهُ تلك الزميلة الغالية، والرفيقة الكريمة السخية ؟
إذاً فلنكن صرحاء !
ما قيمة هديةٍ بألف ريال، وما وزنها أمام هباتٍ إلهية، وعطايا ربّانية لا تُقدرُ بثمن؟!
وحتى تتأكدي من صحة أقوالي، وصدق مزاعمي، دعينا نتأملُ أيتها الفتاة المؤمنة.
أجيبي بربك من وهبك هاتين العينين المبصرتين، واللتان لولاهما لاسوّدت الدنيا في ناظريك، وما قدرت أن تتقدمي خطوةً إلى الأمام، إلاَّ وقلبك يرتجفُ خوفاً من الاصطدام بعمودٍ شاخص أمامك، أو رهبةً من التعثرِ بقشرة موزٍ بين قدميك .
كم ستدفعين ؟ وكم سيدفع أبواك مقابل هذه النعمة المنسية لو فقدتها ؟
وأمَّا نعمةُ السمع فإننا عاجزون عن تعدد فوائدها، والإحاطةِ بمنافعها !!
فتخيلي نفسك مسدودةَ الأذنين، ثقيلةَ السمع، عاجزةً عن فهم ما يدورُ حولك من حديثِ الصويحبات، وكلامِ الجالسات !
يكلمونك فلا تجيبين ، ويحدثونك فلا تسمعين ؟!
كم ستحمرُّ وجنتاكِ وتصفرّان حين تعجزين عن السماعِ، بينما الأُخريات يلتهمنكِ بأعينٍ مشفقاتٍ أو شامتات ؟!
هاتان نعمتان فقط ، ونعمُ الله لا تُحصى، وآلاء لا تُعد ، فالمقامُ لا يسمحُ يا مسلمة !!
أن نذكركَ بيديكِ الناعمتين ، واللتان لولا هما لعجزتِ عن إطفاءِ لهيب كبدك بشربةِ ماء، أو إسكاتِ صفير معدتك بلقمةِ طعام، بل كيف ستدخلين الخلاء ؟ وكيف تتخلصين من النجاسة ؟!
أرأيت كم تنعمين بنعمٍ منسية، وآلاءٍ مطوية ؟!
وهل نذكركُ بقديمكِ الرشيقتين، واللتانِ لولاهما لعجزتِ عن الحركةِ إلاَّ محمولةً أو منقولة ؟!
أم هل نذكرُك بقلب نابض، ورئتين سليمتين، وكبدٍ رطبة، ومعدةٍ فاعلة , كليتين حيويتين، وأعصابٍ حساسة، وعظامٍ قوية ، ومخٍ فعَّال .
أختي الفتاة ، والله وتالله وبالله لو ذهبنا نُعدّد نِعمَ اللهِ علينا لطال المقام، وكلّ البنان، وجفَّ المداد، وصدق الله إذا يقول : (( وَإِن تَعُدُّواْ نِعْمَةَ اللّهِ لاَ تُحْصُوهَا )) (سورة النحل : 1 .
أفيليق بعد ذلك يا ابنة الكرام أن نركل هذه النعم بأرجلنا ، ونقابلها بالجحود والنكران، من أنعم بها علينا وهو الله ؟! .
أليس جزاء الإحسان هو الإحسان يا مسلمة ؟
أيكون جزاء الإنعامِ بالعينين الجميلتين أن تتمتعا بالحرام، عبر النظر إلى أفلامٍ داعرة، ومشاهدَ ماجنة، ومناظر مُريبة، بدعوى الترفيه والمتعة ؟
أهكذا تكافئين ربّك ومولاك والمتفضل عليك ؟
أهذا جزاءُ النعمة يا مسلمة ؟
أيكون جزاء النعمة سمعاً وبصراً ، وإحساساً وشعوراً، وحيويةً ونشاطاً، أن نصادق الفتيان ، ونفتن الخلاَّن ؟ !
منقول للافادة